مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٠٥) قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (١٠٧) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (١٠٨)
قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (١٠٩) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ (١١٠) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (١١١) يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢))
البيان : بعد تلك القرى وما حل بها وبالمكذبين من أهلها ، كانت بعثة موسى (ع) ، والسياق يعرض القصة من حلقة مواجهة فرعون وملئه بالرسالة ، ثم يعجل بالكشف عن خلاصة استقبالهم لها كما يعجل بالاشارة الى العاقبة التي انتهوا اليها ..
انه مشهد اللقاء الاول بين الحق والباطل ، وبين الايمان والكفر (إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ). مشهد اللقاء الاول بين الدعوة الى (رَبِّ الْعالَمِينَ) وبين طاغوت المخلوقات المتجبرة الطاغية.
ولقد واجه موسى (ع) فرعون وملأه بهذه الحقيقة الواحدة التي واجه بها كل نبي قبله طاغوت زمانه ، وهو يعلم انها تعني الثورة على ملأه ودولته ونظام حكمه. ان ربوبية الله للعالمين تعني ـ اول ما تعني ـ ابطال شرعية كل حكم يزاول السلطان على الناس بغير شريعة الله عزوجل وأمره ، وتنحية كل طاغوت تعبيد الناس له ـ من دون الله ـ (قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) هذه هي البينة على صحة دعواه ، ولكن هل يستسلم الطاغوت للحق حينما تبين له ، وهل ترضى بذلك جلاوزته المستفيدين من هذه الحياة بواسطة طغيانه فقالوا : ان هذا لساحر عليم ، وتأتي صرخة الحق ممن يكتم ايمانه : (أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) مؤمن آل فرعون).
واضطر فرعون مع جلاوزته الى الاذعان لهذا الرأي السديد