أراد ذلك وان أراد لهم وقوع التنكيل من فرعون فهو لهم تطهير وارتفاع درجات في دار الخلود والموت لا بد منه ان عاجلا وان آجلا فالاسراع بالايمان هو الصواب.
(وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ قالُوا : آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ).
انها صولة الحق في الضمائر الحية. وانه نور الحق في المشاعر اليقظة. وانها لمسة الحق للقلوب المهيأة لتلقي الحق والنور واليقين ولا تبالي بكل ما سيجري ويصير من بلاء وعناء وجاء تهديد فرعون لهم : (إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ .. وإِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ).
ولكن السحرة يعلمون يقينا ان وسمة فرعون لهم كذب ومكر. وفرعون نفسه يعرف ذلك لأنه هو الذي ربى موسى في بيته وتحت رعايته. وكيف يكون قد علمهم ومتى هو تعلم السحر حتى يستطيع ان يعلم غيره. ولكنها الخدعة التي يخدع بها اتباعه الرعاع.
ويصدر الجواب من السحرة مقابل تهديد فرعون لهم (رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ). هذا كل ما يطلبون ويرغبون بعد أن اتضح لهم الحق المبين ليكونوا أول المؤمنين برب العالمين.
ويقف الطغيان عاجزا امام الايمان. انه موقف من المواقف الحاسمة في تاريخ البشرية انه موقف حاسم في تاريخ الابد. لقد انتصر الحق مع ضعفه على الباطل العاتي.
ولكن حاشا ان يقال للحق انه ضعف وعونه رب العالمين الذي اذا قال للشيء (كُنْ فَيَكُونُ). انه موقف حاسم في تاريخ البشرية ـ لو كانوا يعقلون ـ باعلان افلاس المادية بكل أنواعها. ويذهب التهديد ويتلاشى الوعيد. ويمضي الايمان في طريقه لا يتلفت ولا يتردد ولا