يحيد. انه مشهد بالغ الروعة. نعترف اننا نعجز عن القول فيه فندعه كما صوره القرآن المجيد.
(وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ (١٢٧) قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (١٢٨) قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٢٩)
وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٣٠) فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٣١))
البيان : ان فرعون لم يكن يدعي الالوهية بمعنى أنه هو خالق هذا الكون ومدبره أو أنه هو سلطان في عالم الاسباب الكونية ، انما كان يدعي الالوهية على شعبه المستذل بمعنى أنه هو حاكم هذا الشعب بشريعته وقانونه ، وانه بارادته وأمره تمضي الشؤون وتقضى الامور بارادته وأمره ـ وهذه هي الربوبية بمعناها اللغوي التي يدعيها البشر ـ كذلك لم يكن الناس في مصر يعبدون فرعون بمعنى تقديم الشعائر التعبدية له. فقد كانت لهم الهتهم ، وكان فرعون له الهة يعبدها ، وهذا ظاهر من قول ملأه :
(وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) وكما يثبت المعروف من تاريخ مصر الفرعونية ، انما هم كانوا يعبدونه بمعنى أنهم خاضعون لما يريده بهم ولا يعصون له أمرا ، ولا ينقضون له شرعا.
وهذا المعنى اللغوي والاصطلاحي للعبادة ، فأيما انسان تلقى التشريع من بشر وأطاعه فقد عبده ، وهذا معنى قوله عزوجل : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ).