ولقد كان فرعون انما يسهد هيبته وسلطانه من الديانة التي تعبد فيها هذه الالهة بزعم انه الابن الحبيب لهذه الالهة. وهي نبوة ليست حسية. فقد كان الناس يعرفون جيدا ان فرعون مولود من أب وأم بشرين ، وانما كانت بنوة رمزية بستمد منها سلطانه وحاكميته.
ومن هنا فقد استثارت هذه الكلمات فرعون وأشعرته بالخطر الحقيقي في نظامه كله فانطلق يعلن عزمه الوحشي : (قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ).
وكان بنوا اسرائيل قد عانوا من قبل ـ في ابان مولد موسى (ع) ـ مثل هذا التنكيل الوحشي. انه الطغيان في كل زمان. وفي كل مكان. لا فرق بين وسائله اليوم ووسائله من قبل.
(قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ). نعم ان الارض لله وما فرعون وقومه الا نزلاء فيها سيرحلون عن قريب ويورثكم أرضهم وديارهم (فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) ان استخلاف الله لعباده هو امتحان وابتلاء لهم. وهو يعلم تعالى بكل شيء لا تخفى عليه خافية ، ولكنها سنة الله وعدله ألا يحاسب البشر حتى يقع منهم العصيان بالعيان. (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً).
(وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ) انها اشارة التحذير الاولى ، الجدب ونقص الثمرات (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ. وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ، يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ).
وهكذا فرعون وملأه يعللون الاحداث ، ولم ينسبوا ما يصيبهم الى كفرهم وعدوانهم.
(وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (١٣٢) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ