البشري. واذا هو يستنجد ربه ان يصرف عنه محاولات لا يقاعه في حبائلهن ، خيفة أن يضعف في لحظة أمام الاغراء المثير الهائل ، فيقع فيما يخشاه على نفسه ويدعو الله أن ينقذه منهن. وهي دعوة الانسان العارف ببشريته الذي لا يغتر بعصمته فيريد مزيدا من عناية الله تعالى له ، وعونه القريب ، على ما يعترضه من فتنة وكيد واغراء.
(فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ) وهذا الصرف قد يكون بادخال اليأس في نفوسهن من استجابته لهن. بعد هذه التجربة او بزيادة انصرافه عن الاغراء حتى لا يحس في نفسه أثرا ومليا ـ ولو داخليا بغير اختيار ـ اليهن (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) الذي يسمع الشكوى ويجيب المضطر.
(ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) : ولعل المرأة كانت قد يئست من محاولاتها بعد التهديد. ولعل الامر كذلك قد زاد انتشارا في طبقات الشعب الاخرى. وهنا بدا أن تحفظ سمعة (البيوتات) واذا عجز رجال البيوتات عن صيانة بيوتهن ونسائهن فانهم ليسوا بعاجزين عن تغطية ما يحدث في بيوتهم ولو بسجن من هو بريء من كل جريمة واعتداء ، واستحقاق للسجن.
(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦)
قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٣٧) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٣٨))
البيان : (قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ)