وهذا دليل شاهد على سفالة طبيعة خيارهم ، فما تكون حالة عوامهم ورعاعهم.
(قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)
هذا تقرير لطلاقة المشيئة التي تضع الناموس اختيارا ، وان كانت لا تجربة الا بالعدل والحق على سبيل الاختبار ، لان العدل صفة من صفاته عزوجل الذاتية ، لا تتخلف ابدا. فالعذاب قصاص وجزاء المنحرفين الظالمين المفسدين المتكبرين بما يستحقون لا غير. والرحمة والثواب وفاء بوعده لعباده المطيعين المذعنين المصلحين المتواضعين لجلالته.
قال عزوجل (وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) فالاجرة للعبيد تفضيلا من المولى الكريم :
(فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ... الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ).
انه لنبأ عظيم ـ انتم عنه معرضون ـ يشهد بان بني اسرائيل قد جاءهم الخبر اليقين بالنبي الامي على يدي نبيهم موسى وعيسى (ع) منذ أمد بعيد ، جاءهم الخبر اليقين ببعثه وصفاته التي لا تقبل التشكيك وجاءهم الخبر اليقين بان الذين يؤمنون بهذا النبي الامي ويعظمونه ويوقرونه ويتبعون النور الهادي الذي معه (أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وبذلك البلاغ المبكر لبني اسرائيل على يدي نبيهم موسى وعيسى (ع) يكون قد كشف الله سبحانه عن مستقبل دينه الاسلامي الذي اختاره لنبيه ص وآله وأمته. فلم يبق عذر لاتباع سائر الديانات السابقة بعد ذلك البلاغ المبين بالخبر اليقين ، والنص الصريح.
انها الجريمة من المنحرفين والمكذبين عن علم وبينة ويقين ، وهي