البيان : ويعبر السياق عن الانسان في هذا المقام بانه شيء) وانه أكثر جدلا. ذلك كي يطامن الانسان كبريائه ويقلل من غروره. ويشعر بانه خلق من مخلوقات الله الكثيرة (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) : فلقد جاءهم من الهدى ما يكفي للاهتداء لو أرادوا الهداية. ولكنهم كانوا يطالبون من نبيهم أن يحل بهم ما حل بالمكذبين من قبلهم. وليس هذا الاستعجال بالهلاك من شأن الرسل الذين ارسلوا رحمة للعالمين.
والحق واضح ولكن الذين كفروا يجادلون بالباطل ليغلبوا به الحق ويبطلوه وهم حين يطلبون الخوارق ويستعجلون العذاب لا يبغون اقناعا. انما هم يستهزؤون بالايات والنذر ويسخرون.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (٥٧) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨) وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (٥٩))
البيان : فهؤلاء الذين يستهزئون بآيات الله ونذره لا يرجى منهم أن يفقهوا هذا القرآن ولا ان ينتفعوا به. لذلك جعل الله على قلوبهم أغطية تحول دون فقهه. وجعل في آذانهم كالصمم. فلا يستمعون اليه. وقدر عليهم الضلال ـ بسبب استهزائهم واعراضهم ـ (فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) فللهدى قلوب متفتحة ومستعدة للتلقي (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ). كل ذلك حصل لهم من عصيانهم لله تعالى
ولكن الله تعالى يمهلهم رحمة بهم ويؤخر هلاكهم لعلهم يرجعون.أو القاء للحجة عليهم. (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ) موعد في الدنيا يحل بهم فيه شيء من العذاب. وموعد في الاخرة يوفون فيه للحساب لانهم