حجتها وبرهانها الذي يدفع عنها كل نسبة بطل وضلال ومنكر وفحشاء. ونحسبها قد دهشت طويلا وبهتت قبل أن تمد يدها الى جذع النخلة تهزها. ثم أفاقت فاطمأنت الى أن الله لا يتركها مهزأة للاعداء والاشرار (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ).
وهذا المشهد المثير. والدهشة التي تعلو وجوه القوم. ويبدو انهم أهل بيتها الاقربون. (قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) فظيعا مستنكرا. ثم يتحول السخط الى تهكم وتقريع.
(يا أُخْتَ هارُونَ) النبي الذي تولي الهيكل هو وذريته من بعده. وتنفذ مريم وصية ولدها (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ) فماذا نقول في العجب والغيظ الذي ساورهم وهم يرون العذراء تواجههم بطفل غير معروف الاب. ثم تسخر منهم فتصمت وتشير لهم الى الطفل ليسألوه عن سرها
(قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) ولكن لم يطل الذهول بهم واذا بذلك الطفل يتكلم بصراحة. (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ) وهكذا يعلن عيسى (ع) عبوديته لله قبل كل كلمة ينطق بها ليبرر ساحة والدته المذهولة المستسخر بها من أعدائها وأحبائها. فليس هو ابن لله كما يدعي الماكرون. وليس هو اله كما يزعم الدجالون. وليس هو شريك لله عزوجل. انما هو عبد لله ومخلوق بأمره (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) فلا يبقى بعد شهادة عيسى (ع) حجة لمخلوق يتمسك بها.
(فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٩) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٤٠))
البيان : لقد جمع الامبراطور الروماني قسطنطين مجمعا من