كما ذكرها القرآن المجيد من قبل. على أن هناك جهة اخرى يكشف عنها النص. ان الله قد أنشأ عباده على الفطرة والايمان بربوبيته (الا ان أبويه يهودانه او نصرانه او يمجساه) كما هو الحديث.
ان حقيقة التوحيد ليست مركوزة في فطرة الانسان وحده ، بل مركوزة في فطرة هذه الموجودات باجمعها. ان ناموس التوحيد الذي يحكم هذا الوجود واضح الاثر في شكل الكون وتنسيقه. وانتظام حركاته وتدابيره ، بقدرة الله وفق مشيئته والحكمة المطلقة ، وهو ميثاق معقود بين الفطرة وخالقها ، ميثاق مودع في كيانها مودع في كل خلية حية منذ نشأتها وهو ميثاق أقدم من الرسل والرسالات.
(أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ ..)
ان رحمة الله بعباده واسعة ، فهو يكتفي ان يحاسب عباده بلحاظ الفطرة التي فطرهم عليها من توحيد والاعتراف له بالتفضل والنعم بل زاد على ذلك وأفاض فأرسل اليهم رسلا مبشرين ومنذرين وأرسل معهم المعجزات الخوارق تدل على صدقهم وصحة ارسالهم من عند خالقهم الواحد الاحد (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). لعلهم يرجعون الى فطرتهم ويتذكرون ما أخذه الله عليهم من العهد والميثاق : لعلهم ان يطيعوا ويلجأوا اليه دون سواه.
فالرجعة الى هذه المكنونات كفيلة بانتفاض حقيقة التوحيد في القلوب الحية.
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ