ما في تعقب قوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) من لطف وعمق اتقان وتدبير وحكمة تملأ قلوب اولى الالباب.
فمن اللطف الالهي ذلك الدبيب اللطيف. دبيب النبتة الصغيرة من جوف الثرى. وهي ضئيلة ويد القدرة تمدها في الهواء. وتمدها في جوف الارض ويتم ذلك في امتزاج الماء بالتربة وانطلاق الهواء (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ ..) كم قد اوجد الخالق العظيم في هذه الارض من قوة وثروة. وسخرها لهذا الانسان لعله يتذكر او يخشى ولكن زاد طغيانا وكفرا. لقد سخر الله ما في الارض لهذا الانسان فجعل نواميس موافقة لفطرته وطاقاته. ولو اختلفت فطرة الانسان مع نواميس هذه الارض ما استطاع الحياة عليها ولما تذوق ذرة استقرار او راحة فسبحان المدبر الحكيم القادر العليم (وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ) ان الله الذي خلق هذا الكون وفق هذا النظام الذي اختاره له. هو الذي يمكنه التصرف فيه كما يشاء. فبيده عدمه كما كان بيده وجوده. وادارته بيده عزوجل :
(وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (٦٦) لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ (٦٧) وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨) اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧٠))
البيان : الحياة الأولى معجزة تتحد في كل حي. اناء الليل واطراف النهار. وسرها اللطيف لا يزال غيبا يحار العقل البشري عن تصور كنهه وهي تتم في لحظة خاطفة. وتفقد كذلك. والمسافة بين طبيعة الموت. وطبيعة الحياة مسافة عريضة ضخمة. ومجالها فسيح للتأمل والحياة بعد الموت ـ هي غيب من الغيب ـ ولكن دليله حاضر من النشأة الاولى