البيان : ولقد شاء الله عزوجل ان يجعل دلائل ظاهرية على الاسرار الخفية. فاذا رأيت رجلا ظاهره صالح وقدم على زواج امرأة خبيثة متهتكة فاعلم بانه خبيث مثلها والا لما تزوجها وكذلك اذا رأيت امرأة ظاهرها صالح وقدمت على زواج رجل خبيث فاسق فاعلم بانها مثله خبيثة. والا لما قدمت على الاقتران بالخبيث لو كانت من الطيبات كما قال الشاعر الحكيم :
(عن المرء لا تسل وسل عن قرينه |
|
فكل قرين بالمقارن يقدي) |
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا) لقد جعل الله البيوت سكنا. يفيء اليها الناس. فتسكن أرواحهم. وتطمئن نفوسهم ويأمنون على عوراتهم وحرماتهم.
ولقد كانوا في الجاهلية يهجمون هجوما فيدخل الزائر البيت بدون استئذان ولا اشارة. وقد يكون الرجل مختليا مع أهله. او تكون المرأة على حالة لا يجوز للرجل الاجنبي ان يراها.
من أجل ذلك أدب الله المسلمين باداب الاسلام السامية فنهاهم عن الدخول الى غير بيوتهم حتى يستأذنوا ويؤذن لهم بالدخول والا فلا يجوز لهم الدخول.
(فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها) فان مجرد الاستئذان لا يكفي فلا يجوز الدخول عند عدم الاذن والاباحة في الدخول. (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ) ولا تأخذكم غضاضة في ذلك (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) فهو مطلع على خفايا القلوب وعلى ما فيها من الدوافع.
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ)
ان القرآن منهاج حياة. فهو يحتفل بهذه الجزئية من الحياة الاجتماعية. ويمنحها هذه العناية لانه يعالج الحياة كليا وجزئيا لينسق