من أجل ذلك كله جعل الله لكل نبي عدوا من المجرمين. ووقف المجرمون في وجه دعاة الحق وحملة الدعوة الصادقة. يكافحون المجرمين فيصيبهم ما يصيبهم وهم ماضون في الطريق للنهاية. (وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً).
وبروز المجرمين في طريق الانبياء. أمر طبيعي. فدعوة الحق انما تجيء في أوانها لكفاح الفساد الواقع في المجتمع. وعلى القلوب بالتضليل. ووراء هذا الفساد والتضليل يكمن المجرمون الذين ينشئون الفساد في البلاد. والظلم للعباد. ثم يمضي في استعراض مقولات المجرمين ...
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) ولقد جاء هذا القرآن ليربي الامة قاطبة. وينشىء مجتمعا. ويقيم نظاما. والتربية تحتاج الى زمن.
ولقد جاء القرآن بمنهاج كامل شامل للحياة كلها. وجاء في الوقت ذاته بمنهاج للتربية يوافق الفطرة البشرية. عن علم بها من خالقها. فلذا نزل تدريجيا. وفق حاجات الحية للجماعة المسلمة وهي في طريق نشأتها ونموها ووفق استعدادها الذي ينمو يوما بعد يوم.
من أجل هذا كله نزل القرآن المجيد مفصلا. يبين أول ما يبين عن منهجه لقلب الرسول ص وآله. (كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) والترتيل هنا هو التتابع والتوالي وفق الحكمة الالهية. وعلم الله بحاجات تلك القلوب واستعدادها للتلقي.
ولقد حقق القرآن بمنهجه خوارق في تكييف تلك النفوس التي تلقته مرتلا متتابعا. وتأثرت به يوما بعد يوم وانطبعت به أثرا بعد أثر ، فلما غفل المسلمون او تغافلوا عن هذا المنهاج وطرحوه وراء ظهورهم