واهتدى بنوره الى ما يهتدى اليه الجاحد الصادف وانتفع بصحبته ما لا ينتفع القارىء المطموس.
ان بعض الناس ليقرأ الاية او السورة مرات كثيرة. وهو غافل او عجول. فلا تنض له بشيء.
ان في القرآن كنوزا ضخمة من الهدى والمعرفة والحركة والتوجيه. والايمان هو مفتاح هذه الكنوز. ولن تفتح كنوز القرآن الا بمفتاح الايمان. والذين آمنوا حق الايمان حققوا الخوارق بهذا القرآن المجيد. فاما حين أصبح القرآن كتابا يترنم بآياته. فتصل الى الآذان. ولا تتعداها الى القلوب. فانه لم يصنع شيئا. ولم ينتفع به أحد. لقد ظل كنزا بلا مفتاح.
والسورة تعرض صفة المؤمنين (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ. وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ. وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) يقيمون الصلاة فيؤدونها حق ادائها. يقظة قلوبهم لموقفهم بين يدي الله عزوجل شاعرة ارواحهم بأنهم في حضرة ذي الجلال والاكرام. مرتفعة مشاعرهم الى ذلك الافق الوضىء مشغولة خواطرهم بمناجاة الله عزوجل ودعائه والتوجه اليه في محضره العظيم.
ويؤتون الزكاة. فيطهرون نفوسهم من رذيلة الشح وبرهنة على اعتمادهم على الله الرازق الكريم. (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) فاذا حساب الآخرة يشغل بالهم. ويصدهم عن جموح الشهوات ويغمر أرواحهم بتقوى الله عزوجل وخشيته. والحياء من الوقوف بين يديه موقف العصاة.
هؤلاء المؤمنون الذاكرون لله. القائمون بتكاليفه. المشفقون من حسابه وعقابه. الطامعون بعفوه ورضوانه. هؤلاء هم الذين تفتح قلوبهم للقرآن. فاذا هو هدى وبشرى لهم. واذا هو نور من أرواحهم