ودفعة في دمائهم وحركة في حياتهم. واذا هو زادهم الذي به يبلغون به رضا الله والجنة. (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ .. هُمُ الْأَخْسَرُونَ) الايمان بالاخرة هو الزمام الذي يكبح الشهوات والنزوات ويضمن القصد والاعتدال في الحياة .. والذي لا يعتقد بالآخرة لا يملك ان يحرم نفسه شهوة أو يكبح فيها نزوة. وهو يظن ان الفرصة الوحيدة المتاحة له للمتاع هي فرصة الحياة على هذا الكوكب. وهي قصيرة مهما طالت. وما تكاد تتسع لشيء من مطالب النفوس وأمانيها التي لا تنال.
ومن ثم يصبح كل تحقيق للشهوة واللذة مزينا للنفس التي لا تؤمن بالآخرة. تندفع اليه بلا معوق من تقوى او حياء. لأن الحياء من الايمان ـ والنفس الامارة مطبوعة على المحبة لما يلذ لها.
والله سبحانه هو الذي خلق النفس البشرية على هذا النحو وجعلها مستمدة للاهتداء ان تفتحت لدلائل الهدى. ومستعدة للعماء ان طمست منافذ الادراك فيها. والعاقبة معروفة لمن يزين له الشر والسوء. (أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ) فالخسارة المطلقة في الآخرة محققة جزاء وفاقا.
(إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً ..) قد ذكر هذا الموقف في سورة (طه) وهو في طريقه من ارض مدين الى مصر. ومعه زوجه بنت شعيب (ع) وقد ضل طريقه في ليلة ظلماء باردة (فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها) انه النداء الذي يتجاوب به الكون كله. وتتصل فيه السماء بالأرض. وتتلقى الذرة الصغيرة دعوة خالقها العظيم. ويرتفع فيه الانسان. الفاني الضعيف الى مقام الدوام والخلود والقوة والعزة التي هي لله ولرسوله وللمؤمنين) (فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها) فمن ذا كان في النار. ومن ذا كان حولها انها النور الذي اوجده الله تعالى في الشجرة والذي حولها هو موسى