(ع) وسجل الوجود كله هذه المنحة العليا. ومضت هذه البقعة في سجل الوجود كله بقية النداء (وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ ..) نزه الله ذاته وأعلن ربوبيته للعالمين. وكشف لعبده الذي يناديه (وَأَلْقِ عَصاكَ) هذا اختصار عما سبق. (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً ..) (لا تَخافُ) فأنت مكلف بالرسالة. والرسل لا يخافون. بل هم من اولياء الله الآمنين. وانما يخاف الظالم والمجرم (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ..) وكان هذا آية أخرى. وكشف له حينئذ عن وجهته التي كلف بها.
(إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (١٢) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤))
البيان : ولم يعدد هنا هذه الآيات. التي كشف عنها في سورة الاعراف وهي (١) القحط. (٢) نقص الثمرات. (٣) الطوفان. (٤) الجراد (٥) القمل (٦) الضفادع (٧) الدم (٨) اليد البيضاء (٩) صيرورة العصا حية تسعى.
هذه الآيات الباهرة. والمعجزات الظاهرة. التي تقود كل عاقل منصف الى الايمان والاذعان ومع هذا فقد قالوا عنها (انها سحر مبين) قالوا ذلك لا عن اقناع به. بل لأجل تضليل العوام وخدعهم وكذلك كان الأمر مع جبابرة قريش حين دعاهم خاتم الانبياء ص وآله الى الهدى والحق والعدل. (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) من فرعون واتباعه ومن قريش وما لاقت من الهلاك والدمار.
(وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥) وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا