مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦) وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٧) حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٨) فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ (١٩))
ـ البيان : هذه الاشارة للبدء في القصة. واعلان الافتتاح. خبر تقريري عن ابرز النعم التي أنعم الله بها على داود وسليمان (ع). نعمة العلم. فأما داود. فقد ورد تفصيل ما أتاه الله من العلم في سورة أخرى. منها تعليمه الترتيل بمقاطع الزبور. ترتيلا يتجاوب به الكون من حوله. فتوؤب الجبال معه والطير لحلاوة صوته وحرارة نبراته. ومنها تعليمه صناعة الزرد وعدة الحرب وتطويع الحديد له ليصوغ منه من هذا ما يشاء. ومنها تعليمه القضاء بين الناس مما شاركه فيه سليمان. (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً) وقبل ان تنتهي الآية يجيء شكر داود وسليمان على هذه النعمة.
ولا يذكر هنا نوع العلم وموضوعه لأن جنس العلم هو المقصود بالابراز والاظهار. وللايحاء بأن العلم كله هبة من الله. والعلم الذي يبعد القلب عن ربه علم فاسد. زائغ عن مصدره.
وورث سليمان داود وقال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ. وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) يبدو ذلك في قصة الهدهد الذي أدرك من أحوال ملكة سبأ. وقومها ما لا يدركه أعقل الناس.
وحقيقة ان الهدهد الموجود اليوم. هو نسخة من ذاك الهدهد الذي وجد منذ ألوف. (وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس فهم يوزعون) فهذا هو الموكب لنبي الله سليمان (ع) يتألف من الجن والانس والطير في ترتيب ونظام. حتى اذا أتوا على واد النمل (قالَتْ