نَمْلَةٌ) لها صفة الاشراف والتنظيم على النمل السارح في الوادي قالت : (ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ) فادرك سليمان ما قالت النملة وهش لها وانشرح صدره لادراكها. فهي نعمة الله عليه تصله بهذه العوالم.
(فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها) وسرعان ما هزته هذه المشاهدة. وردت قلبه الى خالقه الذي أنعم عليه بنعمة المعرفة الخارقة. وفتح بينه وبين تلك العوالم المحجوبة المعزولة من خلقه. واتجه الى ربه عزوجل في انابة يتوسل اليه. (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ..)
بهذا النداء الغريب المباشر المتصل (أَوْزِعْنِي) اجمع جوارحي ومشاعري ولساني وجناني. وخواطري وخلجاتي. وكلماتي وعباراتي وأعمالي وتوجهاتي. اجمعني كلي. أجمع طاقاتي كلها أولها وآخرها وهو المدلول اللغوي لكلمة (أَوْزِعْنِي) لتكون كلها في شكر نعمتك علي وعلى والدي. (وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ) فالعمل الصالح هو كذلك فضل من الله. يستحيل ان يصل اليه المخلوق الا بتوفيق خالقه ومعونته. اذن فالشكر لله هو نعمة من الله عزوجل فلله المنّة على عبده بذلك فكل ما قال العبد (لله الحمد) وجب عليه ان يحمد ويشكر حيث وفقه لحمده وشكره بهدايته (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) فهو يعلم ان الدخول في عباد الله الصالحين نعمة ورحمة من الله عزوجل على عباده. وكذلك تكون الحساسية المرهقة بتقوى الله عزوجل.
والآن نأتي الى قصة سليمان (ع) مع الهدهد وملكة سبأ. وهي مقطعة الى ستة مشاهد. بينها فجوات فنية. تدرك من المشاهد