واذا كان هذا التقرير ينطبق على الهة الوثنية الساذجة في جاهلية العرب القديمة ، فانه ينطبق كذلك على كل الالهة المدعاة في الجاهلية الحديثة.
ان هؤلاء المشركين الجدد يدعون من دون الله أولياء من أصحاب السلطان الظاهر في الارض. وهم أيضا لا يستطيعون نصرهم ولا انفسهم ينصرون. واذا كانت الهة الجاهلية الاولى لا تسمع ولا تبصر ، كذلك الحال في الهة الجاهلية الحديثة لا تسمع ولا تعقل شيئا :
(أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ، أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) عن آيات ربهم وبراهينه الساطعة.
(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١) وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (٢٠٢) وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣))
(وَإِذا قُرِئ الْقُرْانُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤) وَاذْكُر رَّبَّكَ فِى نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْءَاصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَفِلِينَ (٢٠٥) إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (٢٠٦))
البيان : العفو هو الميسر الممكن من اخلاق الناس في المعاشرة والصحبة وما أجدر صاحب الدعوة ان يتبع هذا التوجيه الرباني العليم بدخائل النفوس.
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ).
وتكشف هذه الآية القصيرة عن ايحاءات عجيبة ، وحقائق عميقة ، يتضمنها التعبير القرآني المعجز الجميل ، ان اختتام الآية بقوله (فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) ليضيف معاني كثيرة الى صدر الاية.