انه يفيد ان مس الشيطان يعسي ويطمس ويغلق البصيرة ، ولكن تقوى الله ومراقبته وخشية غضبه وعقابه ، اذا اتصلت بالقلوب أيقظتها من الغفلة الى هداه وتذكر المتقين. فاذا تذكروا تفتحت بصائرهم وتكشفت الغشاوة عن عيونهم (فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ)
ان مس الشيطان عمى ، وان تذكر الله ابصار ، ان مس الشيطان ظلمة وان الاتجاه الى الله نور. ان مس الشيطان تجلوه التقوى. فما للشيطان على المتقين سبيل :
(هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ). ان هذا القرآن بصائر تهدى ورحمة تفيض. ان هذا القرآن هو معجزة الله الخالدة الخارقة التي تقابلك من كل جهة أتيته. فهو اعجاز من جهة التعبير. وهو اعجاز من جهة التاريخ ، وهو اعجاز من جهة الاخبار عما يأتي ، وهو اعجاز من جهة التقنين والتشريع ومن كل جهة هو اعجاز ومعجزة.
وسيبقى هذا الاعجاز ما بقي الدهر مادة وموضوعا ، لانه يخاطب كينونية البشرية بالفطرة. ان هذا القرآن الذي يجهله اهله اليوم لانهم لا يعرفونه ولن يريدوا التعرف عليه كما يريد خالقه :
(وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)
ان الناس يخسرون الخسارة التي لا يعوضها شيء بالانصراف عن هذا القرآن ، وان الآية الواحدة لتصنع انفعالا في النفس حين تسمع لها وتنصت أعاجيب من الانفعالات والتأثيرات.
ان رؤية القرآن بتمعن وتدبر تريك حقائق الوجود ، وحقائق الحياة البشرية (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً). فاذا تحرك اللسان مع القلب ، واذا انبست الشفاه مع الروح ، فليكن ذلك في صورة لا تخدش الخشوع (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) بكرة وأصيلا.