(فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (٢٢) وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥))
البيان : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى ...) فانتدبت يد القدرة الالهية واحد من آل فرعون وهو المؤمن الذي كان يكتم ايمانه ، فجاء في اهتمام واسراع ليبلغه ما تآمروا على قتله قبل وصولهم اليه.(فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ ...) ومرة أخرى تلمح الدعوة الالهية التي تكفلت بحماية نبيها موسى (ع) من كل من يكيده ولو كانوا أهل الارض والسماء. (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ ..) فريدا وحيدا مطاردا في الطريق الصحراوية في اتجاه مدين. في جنوب الشام وشمال الحجاز. بلا زاد ولا استعداد (عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي) وكان بينه وبين مدين مسافة ثلاثة أيام.
(وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ ...) لقد انتهى به السفر وهو يقتات من نبات الارض وماء الغدران فراشه الارض. وصل وهو مجهول مجهود. واذا هو يطلع على مشهد لا تستريح اليه نفوس الاحرار بفطرتها الاولى. وجد الرعاة الرجال يوردون أنعامهم لتشرب من الماء. ووجد هناك امرأتين تمنعان غنمهما عن ورود الماء. وكان الاولى عند ذوي المروءة والفطرة السليمة. ان تسقى المرأتان وقبل الرجال.
ولم يقعد موسى الهارب المطارد ليستريح. وهو يشهد هذا المنظر المخالف لكل معروف وغيرة. (قالَ ما خَطْبُكُما) (قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى