ثم نسمع في المشهد صوت الانوثة المستقيمة السليمة. (قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ).
(قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨) فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٣٠))
البيان : انها واختها تعانيان من رعي الغنم. ومن مزاحمة الرعاة العناء الشديد ...
وموسى (ع) شاب غريب طريد. وهو في الوقت ذاته قوي أمين. فقد رأت من قوته في رفع الحجر عن فم البئر ما يعجز عن رفعه عدد من الرجال. وقد رأت من امانته انه أبى ان يمشي وراءها خشيت ان ينظر الى شخصها أو ينكشف شيء من جسمها فامرها ان تمشي هي وراءه وتشير اليه الى الطريق الموصلة الى أهلها. وهذه امانة الاحرار والاشراف الكبار. فالأمين على العرض بهذه المثابة فهو أمين على دون ذلك. وكل شيء عند العرض زهيد رخيص.
واستجاب الشيخ لاقتراح ابنته ـ بعد أن شرحت له ما رأت من قوته وامانته ـ في طريقها (قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ ..) بهذه البساطة والصراحة عرض الرجل احدى ابنتيه من غير تحديد ـ لعله كان يشعر انها محددة. وهي التي شرحت له قضية موسى بعد رجوعها من الماء. وهي التي ذهبت وراء موسى تستدعيه. وهي التي اقترحت على والدها ان يستأجره فمن خلال هذه الامارات كأنها تعينت هي المقصودة بالذات. وهي الاكبر سنا