وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧) وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١٩) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠))
البيان : لقد دعا ابراهيم (ع) قومه دعوة بسيطة واضحة لا تعقيد فيها ولا غموض. وهي مرتبة العرض (اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ). ثم ثنّى بتحبيب هذه الحقيقة اليهم وما تضمنته من الخير لهم (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) وفي هذا التعقيب ما يحفزهم الى ترك الجهل واختيار الخير لأنفسهم وفي الخطوة الثالثة بين لهم فساد ما هم عليه من عبادة الاحجار. والاخشاب فهي عبادة سخيفة بدون خفاء. وبخاصة اذا كانوا بعبادتها يعدلون عن عبادة الخالق العظيم القدير.
وثانيها انهم بهذه العبادة لا يستندون الى برهان او دليل. وانما يخلقون افكا وينشئون باطلا. وثالثها : ان هذه الاوثان لا تقدم لهم نفعا. ولا ترزقهم شيئا (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً).
وفي الخطوة الرابعة يوجههم الى الله ليطلبوا منه الرزق. الأمر الذي يهمهم ويمس حاجتهم (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ) وفي نهاية المطاف يهتف بهم الى واهب الارزاق المتفضل عليهم بالنعم الجسام قبل ان يعرفوه وقبل ان يكونوا شيئا مذكورا. واخيرا يكشف لهم انه لا مفر لكم من الله عزوجل واليه ترجعون. فمن الخير ان ترجعوا اليه مؤمنين مطيعين شاكرين لا نعمه ولتفضله. لتنالوا ما اعده للتائبين المطيعين من جنات النعيم (وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) فلن يصل الى الله تعالى ولا الى رسوله من ضرر تكذيبكم. فهو راجع ضرره ووباله عليكم لا غير وعلى من يتبعكم (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ).