المعصية المعروفة المصطلحة بالعكس ، فعلى هذا فما تسلّمه المفسّرون ـ من كون النهي في قوله : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) ، (١) تعبّديّا ، ـ في غير محلّه.
وقوله : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (٢) مشعر بأنّ التوبة ـ وهي من العبد الرجوع إلى ربّه من ذنبه ومعصيته ، ومن الله سبحانه اللطف على عبده برحمته ـ لا تكون إلّا مسبوقة بتوبة من الله ـ تعالى ـ ، فالتوبة من العبد توبة واحدة ، ومن الله توبتان محفوفة بهما توبة العبد ، كما يدلّ عليه أيضا قوله : (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا). (٣)
وقراءة نصب «آدم» ورفع «كلمات» أنسب لهذا المعنى وأليق ، وإن كانت القراءة الأخرى وهو رفع «آدم» ونصب «كلمات» لا تنافيه أيضا.
وقد وقع في سورة الأعراف نظير هذا المعنى ، وهو قوله تعالى : (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) ، (٤) وهو تذلّل منهما وتسبيح لربّهما وتمسّك بصفتي المغفرة والرحمة ، وهما كالفرع مع أصله.
ويمكن أن يستظهر من ذلك أنّ هذه الكلمات هي التي تلقّاها آدم من ربّه أو تلقّت هي آدم من ربّه ، على اختلاف القراءتين ، غير أنّ وقوع قوله : (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا) ، (٥) قبل قوله : (قالَ اهْبِطُوا) ، (٦) في سورة الأعراف ، ووقوع قوله :
__________________
(١). البقرة (٢) : ٣٥.
(٢). البقرة (٢) : ٣٧.
(٣). التوبة (٩) : ١١٨.
(٤). الأعراف (٧) : ٢٣.
(٥). الأعراف (٧) : ٢٣.
(٦). الأعراف (٧) : ٢٤.