وفى تفسير العيّاشي قال الحلبي : «سئل أبو عبد الله ـ عليهالسلام ـ عن البيت ، أكان يحجّ قبل أن يبعث النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ؟ قال : نعم ، وتصديقه في القرآن قول شعيب حين قال لموسى حيث تزوّج : (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) (١) ولم يقل : ثماني سنين ، وإنّ آدم ونوحا حجّا وسليمان بن داود قد حجّ البيت بالجنّ والإنس والطير والريح ، وحجّ موسى على جمل أحمر يقول : لبّيك لبّيك ، وإنّه كما قال الله : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) (٢) وقال : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ) وقال : (أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (٣) وأنّ الله أنزل الحجر لآدم وكان البيت». (٤)
أقول : تمسّكه بالآيات يقضي بأنّه ـ عليهالسلام ـ فهم من قوله تعالى في الآية الأولى (وُضِعَ لِلنَّاسِ) غير الوضع للعبادة والنسك ، بل مطلق الوضع وبناء البيت ، وهو كذلك ؛ للإطلاق من غير موجب للتقييد.
ومن قوله تعالى : (الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) أنّ كلمة «من» نشويّة غير بيانيّة ؛ إذ البيت غير القواعد ، والنسبة بينهما نسبة الكلّ والجزء ، والبيان بهذا النحو خلاف الظاهر ، والجدار من البيت يرفع ، والبيت يرفع بالبناء ، وأمّا السافات وقاعدة البيت ـ وهي أساسه ـ فلا يصدق فيها الرفع إلّا برفع الأجزاء من الأرض ، ووضعها موضعها إذا خربت العمارة وانهدمت وبقي أثرها ، وقد احتمل هذا
__________________
(١). القصص (٢٨) : ٢٧.
(٢). آل عمران (٣) : ٩٦.
(٣). البقرة (٢) : ١٢٥.
(٤). تفسير العيّاشي ١ : ٦٠ ، الحديث : ٩٩ ؛ بحار الأنوار ٩٦ : ٦٤ ، الحديث : ٤١ ، الباب : ٥.