أعطيته ، وإن استغفرني غفرت له». (١)
أقول : وهذا هو الإخلاص ، وليس بمقيّد لإطلاق الآية ؛ فإنّ غير المخلص في دعائه لا يدعوه سبحانه ، وقد قال تعالى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (٢) وقال تعالى : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) وقال تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) (٣) فأضاف الدعاء والذكر إلى نفسه.
واعلم : أنّ من عدم الاجابة ما يلزمه إجابة دعاء آخر ، ومن الإجابة ما يلزمه عدم إجابة دعاء آخر والخيبة فيه ، وبه يستصحّ كليّة قوله تعالى : ما من مخلوق يعتصم ...» إلى آخره ، و «ما من مخلوق يعتصم بي ...» إلى آخره.
وفيه أيضا عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة». (٤)
وفي الحديث القدسي : «أنا عند ظنّ عبدي بي ، فلا يظنّ بي إلّا خيرا». (٥)
أقول : وذلك أنّ الدعاء ـ مع اليأس ، أو التردّد ـ يكشف عن عدم السؤال في الحقيقة ، وقد ورد المنع عن الدعاء بما لا يكون.
وفيه أيضا عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «افزعوا إلى الله في حوائجكم ، وألجأوا إليه في ملمّاتكم ، وتضرّعوا إليه وادعوه ؛ فإنّ الدعاء مخّ العبادة ، وما من مؤمن يدعو الله إلّا استجاب ، فإمّا أن يعجّله (٦) في الدنيا ، أو
__________________
(١). عدّة الداعي : ١٣٦.
(٢). غافر (٤٠) : ٦٠.
(٣). البقرة (٢) : ١٥٢.
(٤). عدّة الداعي : ١٤٤.
(٥). عدّة الداعي : ١٤٤.
(٦). في المصدر : «يعجل له»