ما حقّق في محلّه ، والرحمة فينا ميل قلبي من الراحم إلى المرحوم لإصابة الخير إليه وبالتجريد عن خصوصيّات المصاديق هي إيصال الخير إلى المحتاج إليه ، والخير هو الوجود ، فالرحمة منه سبحانه إفاضة الوجود فهو الغنيّ ذو الرحمة وسعت رحمته كلّ شيء ، فالاسمان : «الرحمن والرحيم» بمعنى واحد إلّا ما يدلّ عليه هيئة الاسمين. فصيغة المبالغة تدلّ على الكثرة ، والصفة المشبّهة على الاستقرار والثبوت والدوام ، من غير فرق من حيث الظرف كالدنيا والآخرة ، ولا من حيث المتعلّق كالمؤمن والكافر ، لكنّه سبحانه يستعمل اسم «الرحيم» في كلامه في موارد يختصّ بالمؤمنين ، وب «الرحمة» من حيث الهداية أو الثواب ، كقوله : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، (١) (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ). (٢)
ومن هنا ما يقال : إنّ الرحمان مختصّ بالدنيا أو عامّ للمؤمن والكافر ، والرحيم بالآخرة ، وهو الملائم لما تفيده الصفة المشبّهة.
وبذلك يتبيّن معنى ما في الكافي ، والتوحيد ، والمعاني ، والعيّاشي ، عن الصادق ـ عليهالسلام ـ في حديث : «والله إله كلّ شيء ، الرحمن بجميع خلقه ، الرحيم بالمؤمنين خاصّة». (٣)
وروي عن عيسى بن مريم ـ عليهالسلام ـ : «الرحمن رحمن الدنيا ، والرحيم رحيم الآخرة». (٤)
وروي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : «الرحمن اسم خاصّ بصفة عامّة ،
__________________
(١). البقرة (٢) : ٢١٨ ؛ آل عمران (٣) : ٣١ و ١٢٩.
(٢). الحديد (٥٧) : ٩.
(٣). الكافي ١ : ١١٤ ، الحديث : ١ ؛ التوحيد : ٢٣٠ ، الحديث : ٢ ؛ معاني الأخبار : ٣ ، الحديث : ٢ ؛ تفسير العيّاشي ١ : ٢٢ ، الحديث : ١٩.
(٤). التبيان ١ : ٢٩ ؛ مجمع البيان ١ : ٥٤ ؛ نور الثقلين ١ : ١٤.