يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) ، (١) فبيّن أنّه قريب من عباده وأنّ الطريق القريب منه سبحانه دعاؤه وعبادته ، ثمّ قال سبحانه في وصف الذين لا يؤمنون : (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) ، (٢) فبيّن أنّ غاية غير المؤمنين في مسيرهم وسبيلهم بعيدة ، فالسبيل إلى الله سبيلان : سبيل قريب وهو سبيل المؤمنين ، وسبيل بعيد وهو سبيل غيرهم ، فهذا نحو اختلاف في الطرق.
وهناك نحو آخر من الاختلاف ، قال سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ) ، (٣) وقال سبحانه : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) (٤) أي سقط إلى أسفل وهو أسفل سافلين ، وقال : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) ، (٥) فعرّف الضلال بالشرك لمكان «قد» ، وقال : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) ، (٦) وقال : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) ، (٧) وعند ذلك تقسّم الناس في طرقهم ثلاثة أصناف ، وطرقهم ثلاثة : من طريقه إلى فوق وهم المؤمنون وأولو العلم ، ومن طريقه إلى أسفل وهم المغضوب عليهم ، ومن ضلّ الطريق وهو في الطريق وهم الضالّون ، وفي هذه المعاني آيات اخر كثيرة.
ثمّ إنّ الضلال كما عرفت معرّف بالشرك في قوله : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ
__________________
(١). غافر (٤٠) : ٦٠.
(٢). فصّلت (٤١) : ٤٤.
(٣). الأعراف (٧) : ٤٠.
(٤). طه (٢٠) : ٨١.
(٥). النساء (٤) : ١١٦.
(٦). المجادلة (٥٨) : ١١.
(٧). فاطر (٣٥) : ١٠.