ضَلَّ) ، (١) وكلّ ظلم شرك ، سواء كان معصية بالأفعال أو انحرافا في الاعتقاد كما فيما حكاه عن الشيطان لمّا قضي الأمر إذ يقول : (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ، (٢) وقال سبحانه : (أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ* وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً). (٣) فإذا كان كلّ ضلال في علم أو عمل شركا فمستقيم الصراط الذي هو صراط غير الضالّين ما لا يقع فيه شرك عمل أو علم ألبتّة ، وهو التوحيد علما وعملا ؛ إذ لا ثالث لهما ، وماذا بعد الحقّ إلّا الضلال ، فهو طريق مأمون فيه من الضلال فينطبق على قوله سبحانه : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ). (٤) وفي هذه الآية تثبيت للأمن ووعد بالاهتداء ، وسيجيء سرّه إن شاء الله.
ثمّ إنّه عرّف هؤلاء الذين أنعم عليهم في قوله سبحانه : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) ، (٥) وقد وصف هذا الإيمان والإطاعة بقوله قبل الآية : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً* وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) ، (٦)
__________________
(١). النساء (٤) : ١١٦.
(٢). إبراهيم (١٤) : ٢٢.
(٣). يس (٣٦) : ٦٠ ـ ٦٢.
(٤). الأنعام (٦) : ٨٢.
(٥). النساء (٤) : ٦٩.
(٦). النساء (٤) : ٦٥ ـ ٦٦.