وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) ، (١) وبذلك يعلم الوصف الجامع لهؤلاء الطوائف الأربع. وسيجيء الكلام فيما يختصّ بكلّ واحد من الكرامات في محلّه إن شاء الله.
فقد تحصّل ممّا مرّ أنّ الصراط المستقيم صراط مهيمن على جميع الطرق إلى الله وسبله تعالى ، ولذلك تجد أنّه سبحانه مع تنزيهه صراطه المستقيم عن كلّ ضلال وغيّ ربما يطلق اسمه على بعض السبل الذي لا يخلو عن شوب الضلال ، قال سبحانه : (وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) ، (٢) فسمّى العبادة صراطا مستقيما ، وقال سبحانه : (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) ، (٣) فسمّى الدين صراطا مستقيما ، وقال سبحانه : (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) إلى قوله : (وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، (٤) فسمّى جميع سبل السلام وهي سبله صراطا مستقيما ، ولا ينافي ذلك ما مرّ من قضيّة المقدّميّة ، كما لا يخفى ، فالصراط المستقيم هو المتعالي المهيمن على جميع السبل كالروح على جميع القوى والأعضاء.
ويعلم من ذلك :
أوّلا : أنّ الطرق إلى الله سبحانه متفاوتة كمالا ونقصا وغلاء ورخصا ، من جهة قربه من منبع الحقيقة والصراط المستقيم ، كالإسلام والإيمان والخلوص والإطاعة والعبادة والزهد والتقوى والإحسان ونحوها ، كما أنّ مقابلاتها من
__________________
(١). النساء (٤) : ٦٩.
(٢). يس (٣٦) : ٦١.
(٣). الأنعام (٦) : ١٦١.
(٤). المائدة (٥) : ١٦.