ـ الطوائف الثلاث جميعا ـ لكنّه سبحانه حيث جمعهم طرّا في قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) (١) ودعاهم إلى عبادته وعبوديّته ، تقسّموا قهرا إلى مؤمن وغيره ؛ وهو الكافر ؛ فإنّ هذه الدعوة لا تحتمل ـ من حيث إجابتها وعدمها ـ غير الإيمان والكفر ، وأمّا النفاق فإنّما يتحقّق بضمّ الظاهر إلى الباطن واللسان إلى القلب ، فكان هناك من جمع بين اللسان والقلب ـ إيمانا أو كفرا ـ ومن اختلف لسانه وقلبه وهو المنافق ، فلما ذكرنا أسقط سبحانه المنافقين من الذكر ، وخصّه بالمؤمنين والكافرين ، ووضع الإيمان مكان التقوى.
ثمّ المراد بالحجارة الأصنام التي كانوا يعبدونها ، ويشهد به قوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ). (٢)
وقوله تعالى : (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ)
كقوله : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) ظاهر في أنّه ليس هناك إلّا ما هيّأوه هاهنا ، كما عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «كما تعيشون تموتون ، وكما تموتون تبعثون ...» (٣) الحديث.
وإن كان بين الفريقين فرق ؛ من حيث إنّ لأهل الجنّة مزيدا من ربّهم ؛ قال
__________________
(١). البقرة (٢) : ٢١.
(٢). الأنبياء (٢١) : ٩٨.
(٣). عوالي اللئالي ٤ : ٧٢ ، الحديث : ٤٦ ؛ وفي روضة الواعظين : ٥٣ : «والله لتموتنّ كما تنامون ولتبعثنّ كما تستيقظون ...» ؛ وفي الإعتقادات للمفيد : ٦٤ : «... لتموتنّ كما تنامون ، ولتبعثنّ كما تستيقظون» ؛ وفي الفصول المهمّة في أصول الأئمة ١ : ٣٤٢ ، الحديث : ٤٢٥ ؛ حلية الأبرار ١ : ٧١ ؛ الغدير ٧ : ٣٥٣ ؛ الكامل لإبن الأثير ٢ : ٢٤ ؛ مجمع الزوائد ٦ : ٢٠ ؛ المعجم الأوسط ٦ : ٣٦١ ؛ كنز العمّال ١٣ : ٦١٣ ؛ تاريخ مدينة الدمشق ٢٣ : ٤٤٠ ؛ نقل كما في الإعتقادات.