وفي مجمع البيان قال : «روي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ أنّه قال : إنّما ضرب الله المثل بالبعوضة ؛ لأنّ البعوضة ـ على صغر حجمها ـ خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل ـ مع كبره ـ وزيادة عضوين آخرين ، فأراد الله أن ينبّه بذلك المؤمنين على لطف خلقه وعجيب صنعته». (٧)
قال الصادق ـ عليهالسلام ـ : «وهذا القول من الله ردّ على من زعم أنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ يضلّ العباد ، ثمّ يعذّبهم على ضلالتهم ، فقال الله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها)». (٨)
قوله سبحانه : (إِلَّا الْفاسِقِينَ)
«الفسق» من الكلمات التي أبدع القرآن استعمالها في معناها المعروف ، مأخوذ من فسقت التمرة : إذا خرجت عن قشرها وجلدها ؛ ولذلك فسّر بعده بقوله : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ ...) الآية ، والنقض إنّما يكون عن إبرام.
ووصف الفاسقين أيضا في آخر الآية بالخاسرين والإنسان إنّما يخسر فيما ملكه ، قال تعالى : (إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ). (٩)
وإيّاك أن تتلقّى هذه الأوصاف التي أثبتها سبحانه في كتابه للسعداء من عباده أو الأشقياء ـ مثل المقرّبين والمخلصين والمخبتين والصالحين والمطهّرين وغيرها ، ومثل الفاسقين والظالمين والخاسرين والغاوين والضالّين
__________________
. عيون أخبار الرضا ـ عليهالسلام ـ ١ : ١٢٣ ، الحديث : ١٦.
(٧). مجمع البيان ١ : ١٣٥.
(٨). تفسير القمي ١ : ٣٤ ؛ تفسير نور الثقلين ١ : ٤٥ ، الحديث : ٦٣ ؛ بحار الأنوار ٥ : ٧ ، الحديث : ٦.
(٩). الزمر (٣٩) : ١٥.