ولكن مع ذلك (١)
______________________________________________________
به اوّلا وبالذات وهذا معنى وجوده بوجود افراده فيكون الطبيعى بالنسبة الى افراده كنسبة الآباء الى الابناء لا اب واحد الى ابناء متعددة بيان ذلك ان حصة من الكلى تكون نسبتها الى الفرد الذى تنزع منه نسبة الاب الواحد الى الولد الواحد فالوجود الشخصى انما يكون فرد للطبيعى باعتبار احتوائه على حصة من الطبيعى فيكون صدق الطبيعى على احد افراده فى عرض صدقه على سائرها لان المصحح للصدق فى جميعها واحد وهو كون الوجود محتويا على مطابق ذلك الطبيعى المنتزع منه وهذا هو المراد من ان نسبة الطبيعى الى كل فرد نسبة الاب الواحد الى الولد الواحد كما يصدق العالم على زيد وعمرو وبكر وكل من تلبس بالعلم فى عرض واحد باعتبار مصحح واحد وهو التلبس بمبدإ ذلك العنوان المشتق فالطبيعى واحد فى حد ذاته وله حصص متعددة باعتبار اضافته الى الخصوصيات المفرقة الممتزجة معه فى الوجودات الشخصية وكل واحد من الافراد يغاير الفرد الآخر كما هو واضح.
(١) هذا كله كان فى بيان وجود الكلى الطبيعى ثم قام فى بيان وجود آخر يسمى بالوجود السعى ووجود الحصص للطبيعة واليك تفصيلها بعد مقدمة وهو ان للعقل تعرية نفس الوجودات الخارجية عن تشخصاتها فى عالم الخارج لا فى الذهن كى يصير طبيعيا فاذا نظر اليها ولاحظها بما هى فى الخارج لكن مجردة عن لحاظ تلك التشخصات وان شئت قلت لاحظ الوجود فيها معرى عن القيود العدمية والجهات الماهوية وجدها وجودا واحدا ممتدا وسيعا بحيث كلما قلت القيود العدمية فى تلك الوجودات بتعريتها عنها زاد ذلك الوجود سعة وامتدادا بمعنى ان هذه القيود المكتنفة بذاك الوجود السعى الممتد بمنزلة ستر وحجاب على وجهه فكلما ازداد كشف الستر عن وجهه بتعرية القيود وعدم لحاظها كثر انكشافه لا نقول بان الوجود السعى يتحقق بسبب عدم اللحاظ والتعرية كى يقال ان ذلك عين الطبيعى الذى عرفت ان موطنه الذهن لا بما هو فى الذهن وليس فى الخارج غيره شيء يسمى بالوجود السعى بل نقول ينكشف بذلك تحققه وتبين ثبوته فعدم اللحاظ والتعرية دليل كاشف عن ذلك فتعرية القيود والتشخصات عن افراد الانسان ينكشف بها الوجود السعى الممتد بذلك المقدار وعن افراد الحيوان ينكشف بها ما هو اوسع واكثر امتدادا وهكذا عن النامى ثم الجسم ثم الجوهر وبهذا الاعتبار صح ان يقال بان تحقق الوجود السعى يحصل بتحقق كل من الافراد ـ ومما يشهد على تحقق الوجود السعى فى الخارج صحة ترتيب آثار نفس الوجود بما هو وجود لا بما هو معروض لقيد ومكتنف بتشخص على الوجودات الخارجية مثلا القطرة والبحار المتصلة الوسيعة كلاهما ماء يترتب عليه آثار المائية والذرة والمعادن الوسيعة كلاهما