بينهما نظير ما قيل فى الاحكام الوضعية (١) من كون الجعل لمصلحة فى نفس الجعل بلا ربط بين متعلقى الجعل ابدا (٢) كما ان (٣) الالتزام بكون علّام الغيوب
______________________________________________________
(١) المراد من الاحكام الوضعية هى المصطلحة كما عرفت فى قبال التكلفية لا الاحكام الموضوعة أى المجعولة.
(٢) فتكون المصلحة فى نفس جعل نجاسة الكفار ولو لم يكن فى متعلقه وهو الكافر شيء من القذارة والميكروب اصلا وهكذا فى جعل الحجية للخبر الواحد من دون ان يكون مصلحة فى المجعول اصلا وذلك تسهيلا للعباد مثلا او غيره. وقال استادنا الخوئى فى تعليقة الاجود ، ج ١ ، ص ١١ ، اولا انه لا يلزم ان يكون المرجح هى المناسبة الذاتية بل يجوز ان يكون المرجح امرا خارجيا كما هو الواقع كثيرا فى الاعلام الشخصية ـ وثانيا ان المستحيل انما هو الترجح من دون ترجيح ـ اى وجود حادث بلا سبب ـ كما سيأتى فى محله واما الترجيح بلا مرجح فلا استحالة فيه بل ولا قبح فيه ايضا اذا كان هناك مرجح لاختيار طبيعى الفعل مع عدم وجود المرجح فى شيء من افراده وح فالمصلحة الموجودة فى طبيعى الوضع كافية فى اختيار لفظ خاص وتخصيصه لمعنى مخصوص ولو من دون ربط ومناسبة بينهما اصلا انتهى. ومما ذكرنا ظهر الجواب عن الوجه الثانى فانه مجرد مصادره لا غير ـ وهنا جواب آخر للمحقق الماتن سيأتى ويمكن الجواب عن لزوم المناسبة ايضا اولا لا يعقل تحقق المناسبة بين جميع الالفاظ والمعانى لاستلزام ذلك تحققها بين لفظ واحد ومعانى متضادة او متناقضة كما اذا كان للفظ واحد معان كذلك كلفظ ـ جون ـ الموضوع للاسود والابيض ولفظ ـ القرء ـ الموضوع للحيض والطهر وغيرهما وهو غير معقول فان تحققها بين لفظ واحد ومعان كذلك يستلزم تحققها بين نفس هذه المعانى ـ وثانيا يمكن ان يكون المرجح هو ارادة الفاعل وثالثا انه يمكن ان يكون الترجيح انسباق اللفظ الى الذهن من بين الالفاظ عند ارادة الوضع ولو من جهة اقتضاء استعداده للوجود فى عالم الذهن انه موجب لتخصيصه بالمعنى الملحوظ من بين الالفاظ ففى الحقيقة ما هو الموجب لتخصيص لفظ من بين الالفاظ لمعنى من بين المعانى انما هو قضية تقارنهما للوجود فى عالم الذهن.
(٣) هذا هو الجواب عن الامر الثالث المتقدم بان الواضع هو الله تبارك وتعالى وملخصه انه لو فرض من اوّل خلقة آدم على نبيّنا وآله و ـ عليهالسلام ـ الى زماننا هذا كل طائفة قد وضعوا جملة من الالفاظ لجملة من المعانى المتداولة بينهم على قدر ابتلائهم بها فى اظهار ما فى ضمائرهم الى ان انتهى الامر الى زماننا الذى قد كثر فيه اللغات وكثرت الالفاظ والمعانى فاىّ محذور عادى او عقلى يترتب عليه كما نشاهد ذلك بالعيان والوجدان من