فركزت جهودها على العمل السياسي المتقن ، والعمل السري الصامت ، لإبعاد عترته عن الحكم ، وجعله في قريش ..
ولكن المشكلة عندها أن النبي صلىاللهعليهوآله يسير قدماً في ترتيب الأمر من بعده لعلي .. ومن بعده للحسن والحسين ، أولاد بنته فاطمة .. وقريش لا تطيق علياً ولا أحداً من بني هاشم .. لذلك قرر قادتها وفي مقدمتهم سهيل بن عمرو أن يقوموا بأنشطة متعددة ، منها محاولة جريئة مع النبي صلىاللهعليهوآله .. فقد كتبوا اليه ثم جاؤوه وفداً برئاسة سهيل بن عمرو ، طالبين اليه أن يرد ( اليهم ) عدداً من أبنائهم وعبيدهم ، الذين تركوا مكة أو مزارعهم في الطائف ، وهاجروا الى النبي صلىاللهعليهوآله ليتفقهوا في الدين ، كما تنص الآية القرآنية !
قال سهيل للنبي صلىاللهعليهوآله نحن اليوم حلفاؤك ، وقد انتهت الحرب بيننا وتصالحنا ، وأنا الذي وقعت الصلح السابق معك في الحديبية !
وهؤلاء أولادنا وعبيدنا هربوا منا وجاؤوك ، ولم يأتوك ليتفقهوا في الدين كما زعموا ، ثم إن كانت هذه حجتهم فنحن نفقههم في الدين ، فأرجعهم الينا !!
ومعنى هذا الطلب البسيط من زعيم قريش الجديد : أن قريشاً حتى بعد فتح مكة واضطرارها الى خلع سلاحها وإسلامها تحت السيف .. تريد من النبي صلىاللهعليهوآله الإعتراف بأنها وجودٌ سياسيٌّ مستقل ، في مقابل النبي صلىاللهعليهوآله ودينه ودولته !!
ـ روى الترمذي في : ٥ / ٢٩٨
عن ربعي بن حراش قال : أخبرنا علي بن أبي طالب بالرحبة فقال : لما كان يوم الحديبية خرج إلينا ناس من المشركين فيهم سهيل بن عمرو وأناس من رؤساء المشركين ، فقالوا يا رسول الله : خرج إليك ناس من أبنائنا وإخواننا وأرقائنا ، وليس لهم فقه في الدين ، وإنما خرجوا فراراً من أموالنا وضياعنا ، فارددهم إلينا فإن لم يكن لهم فقه في الدين سنفقههم .