أولاً ، ظهور الفعل في الماضي الحقيقي ، وعدم وجود قرينةٍ توجب حمله على ما سوف ينزله الله تعالى في المستقبل . بل لم أجد استعمال ( أُنزِلَ ) في القرآن لما سوف ينزل أبداً ، على كثرة وروده في الآيات .
ثانياً ، أن الآية نزلت في آخر شهور نبوته صلىاللهعليهوآله ، وإذا حملنا الفعل على المستقبل يكون معناها : إنك إن لم تبلغ ما سوف ننزله عليك في هذه الشهور الباقية من نبوتك ، فإنك لم تبلغ رسالة ربك أبداً ! وهو معنى لم تجىء به رواية ، ولم يقل به أحدٌ من علماء الشيعة ، ولا السنة !
وإذا تعين حمل لفظ ( أُنزِلَ إِلَيْكَ ) على الماضي الحقيقي ، دلَّ على أن الله تعالى كان أنزل على رسوله أمراً ثقيلاً ، وأمره بتبليغه فكان الرسول يفكر في ثقله على الناس ، وفي كيفية تبليغه لهم ، فجاءت الآية لتقول له : لا تتأخر في التنفيذ ، ولا تفكر في موقف الناس ، هل يؤمنون أو يكفرون .. ولكن نطمئنك بأنهم سوف لن يكفروا ، وسنعصمك منهم . وهذا هو تفسير أهل البيت عليهمالسلام وما وافقه من أحاديث السنيين .
المسألة الثانية : فيما يصحح الشرط والمشروط به في التبليغ :
وقد اتضح ذلك من المسألة الأولى ، وأنه لا معنى لقولك : يا فلان بلغ رسائلي التي سوف أرسلها معك ، فإنك إن لم تفعل لم تبلغ رسائلي ! لأنه من المعلوم أنه إن لم يفعل ، فلم يبلغ رسائلك ، ويكون كلامك من نوع قول الشاعر :
وفسر الماء بعد الجهد بالماءِ !
نعم يصح أن تقول له عن رسالة معينة فعلية أو مستقبلية : إن هذه الرسالة مهمة وضرورية جداً ، وإن لم تبلغها ، فإنك لم تبلغ شيئاً من رسائلي !
ـ قال في تفسير الميزان : ٦ / ٤٩ :
فالكلام موضوع في صوره التهديد وحقيقته بيان أهميه الحكم ، وأنه بحيث لو لم يصل الى الناس ولم يراع حقه كان كأن لم يراع حق شئ من أجزاء الدين .
فقوله
: وإن لم تفعل فما بلغت ، جملة شرطية سيقت لبيان أهميه الشرط وجوداً