وعدماً ، لترتب الجزاء الأهم عليه وجوداً وعدماً ، وليست شرطية مسوقة على طبع الشرطيات الدائرة عندنا ، فإنا نستعمل إن الشرطيه طبعاً فيما نجهل تحقق الجزاء للجهل بتحقق الشرط ، وحاشا ساحة النبي صلىاللهعليهوآله من أن يقدر القرآن في حقه احتمال أن يبلغ الحكم النازل عليه من ربه ، وأن لا يبلغ ! انتهى .
المسألة الثالثة : في نوع تخوف النبي صلىاللهعليهوآله :
ولا بد من القول بأن الخوف الذي كان عند النبي صلىاللهعليهوآله كان خوفاً على الرسالة ، وليس على شخصه من القتل أو الأذى ، وذلك لعصمته وتقواه وشجاعته صلىاللهعليهوآله .
فإن الله تعالى كان أخبر رسوله صلىاللهعليهوآله من الأيام الأولى لبعثته ، بثقل مسؤولية النبوة والرسالة ، وجسامة تبعاتها .. وكان صلوات الله عليه وآله موطِّناً نفسه على كل ذلك ، فلا معنى لأن يقال بأنه تلكأ بعد ذلك أو تباطأ أو امتنع في أول البعثة ، أو في وسطها أو في آخرها ، حتى جاءه التهديد والتطمين !!
وقد تبين مما تقدم أن الخوف على الرسالة الذي كان يعيشه النبي صلىاللهعليهوآله عند نزول الآية ، ليس إلا خوفه من ارتداد الأمة ، وعدم قبولها إمامة عترته من بعده .
المسألة الرابعة : في معنى الناس في الآية :
ـ قال الفخر الرازي في تفسيره : ٦ جزء ١٢ / ٥٠ :
واعلم أن المراد من ( النَّاسِ ) ها هنا الكفار بدليل قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ... لا يمكنهم مما يريدون . انتهى .
ولا يمكن قبول ذلك ، لأن نص الآية العصمة من ( النَّاسِ ) وهو لفظ أعم من المسلمين والكفار ، فلا وجه لحصره بالكفار ..
وقد
تصور الرازي أن المعصوم منهم هم الذين لا يهديهم الله تعالى ، وأن المعنى : إن الله سيعصمك من الكفار ولا يهديهم . ولكنه تصورٌ خاطئ ، لأن ربْط عدم هدايته تعالى للكفار بالآية يتحقق من وجوه عديدة .. فقد يكون المعنى : سيعصمك من كل الناس ، ولا يهدي من يقصدك بأذى لأنه كافر . أو يكون المعنى : بلغ وسيعصمك الله