بل تدل النصوص ومنطق الأمور ، على أن ذلك كان هو الهم الأكبر للنبي صلىاللهعليهوآله في حجة الوداع ، وأن قريشاً كانت تعرف جيداً ماذا يريد النبي صلىاللهعليهوآله ، وتعمل لمنع إعلان ذلك ! وأنها زادت من فعاليتها في حجة الوداع لمنع تكريس ولاية علي والعترة عليهمالسلام بشكل رسمي ، وأخذ البيعة لهم من الأمة !
ولا يتسع هذا البحث للإستدلال على المفردات التي ذكرناها .. وكل مفردة منها عليها عدة أدلة .. بل نكتفي هنا باستطلاع خطب النبي صلىاللهعليهوآله في حجة الوداع .. فقد ذكرت المصادر أنه صلىاللهعليهوآله خطب خمس خطب غير خطبة الغدير ، وكان من حق هذه الخطب النبوية أن تنقلها المصادر كاملةً غير منقوصة ، لأن المستمعين كانوا عشرات الألوف .. ولكنك تراها مجزأةً مقتضبة ، خاصة في الصحاح المعتمدة رسمياً عند الخلافة القرشية . قال في السيرة الحلبية : ٣ / ٣٣٣ :
خطب صلى الله عليه وسلم في الحج خمس خطب : الأولى يوم السابع من ذي الحجة بمكة ، والثانية يوم عرفة ، والثالثة يوم النحر بمنى ، والرابعة يوم القر بمنى ، والخامسة يوم النفر الأول بمنى أيضاً . انتهى .
وقد راجعنا نصوص هذه الخطب من أكثر من مئة مصدر ، فوجدنا فيها الغرائب والعجائب ، من التعارض والتضارب ، والمؤشرات والأدلة على تدخلات قريش ورواتها في نصوصها !!
وكل ذنب خطب الوداع أن النبي صلىاللهعليهوآله أمر المسلمين فيها بإطاعة أهل بيته من بعده ، وحذرهم من الإختلاف بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ، وأقام عليهم الحجة ، كاملةً غير منقوصة !
ولكن رغم كل التعتيم القرشي ، فقد وصلنا منها في المصادر القرشية نفسها ، ما فيه بلاغٌ لمن أراد معرفة أوامر نبيه ، وتأكيده على الإلتزام بقيادة عترته الطاهرين من بعده .. صلى الله عليه وعليهم .