وضعت فيها الآية المبحوث عنها ، أعني قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ، الآية ، وهو كغيره من المفسرين مصرون على أنها نزلت بمكة في أول البعثة ! ...
وأما قوله وما حكاه الله من قول بعض كفار قريش الى آخره ، فهو في التحكم كسابقه ، فهب أن سورة الأنفال نزلت قبل المائدة ببضع سنين ، فهل يمنع ذلك أن يوضع عند التأليف بعض الآيات النازلة بعدها فيها ، كما وضعت آيات الربا وآية : وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ : البقرة ـ ٢٨١ ، وهي آخر ما نزل على النبي صلىاللهعليهوآله عندهم ، في سورة البقرة النازلة في أوائل الهجرة ، وقد نزلت قبلها ببضع سنين ؟
ثم قوله إن آية : وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ الْحَقَّ ، الآية ، تذكيرٌ لما قالوه قبل الهجرة ، تحكمٌ آخر من غير حجة ، لو لم يكن سياق الآيه حجة على خلافه ، فإن العارف بأساليب الكلام لا يكاد يرتاب في أن هذا أعني قوله : اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ، لاشتماله على قوله : إن كان هذا هو الحق من عندك بما فيه من اسم الاشاره وضمير الفصل والحق المحلى باللام ، وقوله من عندك ، ليس كلام وثني مشرك يستهزىء بالحق ويسخر منه ، إنما هو كلام من أذعن بمقام الربوبية ، ويرى أن الأمور الحقة تتعين من لدنه وأن الشرائع مثلاً تنزل من عنده ، ثم إنه يتوقف في أمر منسوب الى الله تعالى يدعي مدع أنه الحق لا غيره ، وهو لا يتحمل ذلك ويتحرج منه ، فيدعو على نفسه دعاء منزجر ملول سئم الحياة .
وأما قوله : وظاهر الرواية أن الحارث بن النعمان هذا كان مسلماً فارتد ، ولم يعرف في الصحابة ، تحكمٌ آخر ، فهل يسع أحداً أن يدعي أنهم ضبطوا أسماء كل من رأى النبي صلىاللهعليهوآله ، وآمن به ، أو آمن به فارتد !
وإن يكن شئ من ذلك فليكن هذا الخبر من ذلك القبيل .
وأما
قوله والأبطح بمكة والنبي صلىاللهعليهوآله لم يرجع من غدير خم الى مكة
، فهو يشهد