وأداة للحيلة والخدعة للفرد وللآخرين.
وطبيعي أنّ هذا المعنى وارد في الأشخاص الذين يعتبرون الدنيا هدفهم النهائي ، وتكون منتهى غاياتهم ، ولكن إذا كانت الهبات المادية في هذا العالم وسيلة للوصول بالإنسان للسعادة الأبدية ، فذلك لا يعدّ من الدنيا ، بل ستكون جسراً وقنطرة ومزرعة للآخرة التي ستتحقّق فيها تلك الأهداف الكبيرة حقّاً.
(سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢١) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (٢٣) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (٢٤)
المسابقة المعنوية الكبرى : بعد ما بيّنت الآيات السابقة قيمة هذه الدنيا المتواضعة الفانية ، وكيف أنّ الناس فيها منهمكون في اللذات والتكاثر والتفاخر وجمع الأموال ... تأتي الآيات مورد البحث لتدعو الناس إلى العمل للحصول على موقع في الدار الآخرة ، ذلك الموقع المتّسم بالثبات والبقاء والخلود ، وتدعوهم إلى السباق في هذا المجال وبذل الجهد فيه ، حيث يقول سبحانه : (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبّكُمْ * وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَءَامَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ).
وفي الحقيقة أنّ مغفرة الله هي مفتاح الجنة ، تلك الجنة التي عرضها السماوات والأرض وقد اعدّت من الآن لضيافة المؤمنين ، حتى لا يقول أحد إنّ الجنة نسيئة ودَين ولا أمل في النسيئة.
وممّا ينبغي ملاحظته أنّ المسارعة لمغفرة الله لابدّ أن تكون عن طريق أسبابها كالتوبة والتعويض عن الطاعات الفائتة ، وأساساً فإنّ طاعة الله عزوجل يعني تجنّب المعاصي.
ويضيف تعالى في نهاية الآية : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).