«زنيم : تطلق على الشخص المجهول النسب ، والذي ينتسب لقوم لا نسبة له معهم.
والتعبير بشكل عام إشارة إلى أنّ هاتين الصفتين هما أشدّ قبحاً وضعة من الصفات السابقة.
وبهذه الصورة يوضّح لنا أنّ الأشخاص الذين وقفوا بوجه الإسلام والقرآن ، وعارضوا الرسول الكريم صلىاللهعليهوآله كانوا من أخسّ الناس وأكثرهم كذباً وإنحطاطاً وخسّة ، فهم يتتبعون عيوب الآخرين ، نمّامون ، معتدون ، آثمون ، ليس لهم أصل ونسب.
ويحذّر سبحانه في الآية اللاحقة من الإستجابة لهم والتعامل معهم بسبب كثرة أموالهم وأولادهم ، بقوله : (أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ).
وممّا لا شك فيه أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله لم يكن ليستسلم لهؤلاء أبداً ، وهذه الآيات ما هي إلّا تأكيد على هذا المعنى ، كي يكون خطّه الرسالي وطريقته العملية واضحة للجميع ، ولن تنفع جميع الاغراءات الماديّة في عدوله عن مهمّته الرسالية.
وتوضّح الآية اللاحقة ردود فعل هؤلاء الأشخاص ذوي الصفات الأخلاقية المريضة إزاء الآيات الإلهية ، حيث يقول تعالى : (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِءَايَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
وبهذا المنطق السقيم والحجج الواهية يعرض عن آيات الله عزوجل.
وتوضّح لنا آخر آية ـ من هذه الآيات ـ مفردة من مفردات الجزاء الذي سيلاقيه أمثال هؤلاء فيضيف سبحانه : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ).
وهذا التعبير كاشف ومعبّر عن سوء النهاية المذلّة لهؤلاء ، إذ جاء التعبير أوّلاً بالخرطوم الذي يستعمل للفيل وللخنزير فقط ، وهو دلالة واضحة في تحقيرهم.
وثانياً : أنّ الأنف في لغة العرب غالباً ما يستعمل كناية عن العزّة والعظمة ، كما يقال للفارس حين إذلاله : مرّغوا أنفه بالتراب ، كناية عن زوال عزّته.
وثالثاً : أنّ وضع العلامة تكون عادة للحيوانات فقط ، بل حتى بالنسبة إلى الحيوانات فإنّها لا تعلّم في وجوهها ـ خصوصاً انوفها ـ أضف إلى ذلك أنّ الإسلام قد نهى عن مثل هذا العمل.
ومع كل ما تقدّم تأتي الآية الكريمة ببيان معبّر وافٍ وواضح أنّ الله تعالى سيذلّ هؤلاء الطغاة الذين امتلؤا عجباً بذواتهم ، المتمادين في عنادهم وإصرارهم على الباطل ، وتجاوزهم على الرسول والرسالة ... سيذلّهم بتلك الصورة التي تحدثت عنها الآية ويفضحهم على رؤوس الأشهاد ليكونوا موضع عبرة للجميع.