إنّ ثقل القول يراد به القرآن المجيد بأبعاده المختلفة ... ثقيل بلحاظ المحتوى ومفاهيم الآيات.
ثقيل بلحاظ حمل القلوب له لما يقوله القرآن : (لَوْ أَنزَلْنَا هذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدّعًا مّنْ خَشْيَةِ اللهِ) (١).
ثقيل بلحاظ التبليغ ومشاكل طريق الدعوة.
وثقيل في ميزان العمل وفي عرصة القيامة.
ولكن الرسول صلىاللهعليهوآله وأصحابه القلائل استطاعوا أن يتغلبوا على كل تلك هذه المشاكل باستمدادهم من تربية القرآن ، والإستعانة بصلاة الليل ، وبالاستفادة من قربهم من ذات الله المقدسة ، واستطاعوا بذلك حمل هذا القول الثقيل والوصول إلى مرادهم.
بحث
فضيلة صلاة الليل : هذه الآيات تبيّن أهمّية إحياء الليل بالعبادة وقراءة القرآن عندما يكون الغافلون نياماً ، فإنّ العبادة في الليل وبالخصوص عند السحر لها الأثر البالغ في تصفية الروح وتهذيب النفوس والتربية المعنوية للإنسان وطهارة القلب وإيقاظه ، وكذا في تقوية الإيمان والإرادة ، وتوكيد أركان التقوى في الروح والقلب ، ويمكن لمس ذلك بمجرّد الاختبار مرّة واحدة ، وقد أكّدت الروايات على ذلك بالإضافة إلى ما ذكرته الآيات القرآنية. منها ورد ـ في أمالي الطوسي ـ عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : إنّ من روح الله تعالى ثلاثة : التهجد بالليل ، وإفطار الصائم ، ولقاء الإخوان.
(إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (٦) إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (٧) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (٨) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (٩) وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا) (١٠)
تأثير الدعاء والمناجاة في أعماق الليل : تستمر هذه الآيات في البحث حول عبادة الليل والتعاليم المعنوية الموجودة قراءة القرآن في الليل ، وهي بمنزلة بيان الدليل على ما جاء في الآيات السالفة ، فيقول تعالى : (إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ وَطًا وَأَقْوَمُ قِيلاً).
__________________
(١) سورة الحشر / ٢١.