وعلى هذا فإنّ أفضل شاهد على الإنسان في تلك المحكمة الإلهية للقيامة هو نفسه ، لأنّه أعرف بنفسه من غيره.
معاذير : جمع (معذرة) وتعني في الأصل البحث عمّا تمحى به آثار الذنوب ، وقد تكون أحياناً أعذاراً واقعية ، واخرى صورية وظاهرية.
إنّ الآيات مفهومها واسع ، ولذا فإنّها تشمل عالم الدنيا ، وتعلم الناس بأحوال أنفسهم وإنّه كان فيهم من يكتم ويغطي وجهه الحقيقي بالكذب والإحتيال والتظاهر والمراء.
(لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) (١٩)
إنّ علينا جمعه وقرآنه : هذه الآيات بمثابة الجملة الإعتراضية التي تتداخل أحياناً في كلام المتحدث ، حيث يترك الله تعالى الحديث عن القيامة وأحوال المؤمنين والكفرة مؤقتاً ، ليعطي تذكرة مختصرة للنبي صلىاللهعليهوآله حول القرآن فيقول : (لَاتُحَرّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ).
في تفسير هذه الآية نقل عن ابن عباس أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان إذا نزل عليه الوحي ليقرأ عليه القرآن ، تعجّل بقراءته ليحفظه وذلك لحبّه الشديد للقرآن ، فنهاه الله عن ذلك وقال : (إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ).
ثم يضيف : (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ).
وبالتالي لا تقلق على جمع القرآن ، نحن نجمعه ونتلوه عليك بواسطة الوحي.
ثم يقول تعالى : (فَإِذَا قَرَأْنهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ). ثم يضيف : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ).
فيكون جمع القرآن وقراءته لك وتبيينه وتفصيل معانيه بعهدتنا ، فلا تقلق على شيء ، فالذي أنزل الوحي هو الذي يحفظه.
وهذه الآيات تبيّن ضمنياً أصالة القرآن ، وحفظه من أي تغيير وتحريف ، لأنّ الله تعالى تعهد بجمعه وقراءته وتبيينه.
(كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ) (٢٥)
ترجع هذه الآيات مرّة اخرى لتكمل البحوث المتعلقة بالمعاد ، وخصوصيات اخرى من