كان من الضروري لسلوك هذا الطريق التزّود بنوعين من الزاد ، لذا يضيف القرآن في الآية الاخرى : (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً). أي في كل صباح ومساء ،.
ويقول تعالى أيضاً : (وَمِنَ الَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً). لتتوفر لديك في ظل ذلك الذكر وهذا السجود والتسبيح قوّة كافية وقدرة معنوية لمواجهة مشاكل هذا الطريق.
فإنّ هاتين الآيتين تأكيد لضرورة التوجه الدائم والمستمر لذات الله المقدسة.
ويجب هنا الإلتفات إلى أنّ الأوامر الخمسة المذكورة في الآيات أعلاه وإن ذكرت بصورة منهج للنّبي صلىاللهعليهوآله ، فهي في الحقيقة دستوراً يحتذي به كل من يخطو في مسير قيادة المجتمع البشري ، إنّهم يجب أن يعلموا بعد الإيمان الكامل بأهدافهم ورسالتهم بضرورة احتراف الصبر والإستقامة ، وأن لا يستوحشوا من كثرة مشاكل الطريق ، لأنّ هداية المجتمع من المشاكل العظيمة.
وفي المرحلة الاخرى يجب الثبات التام أمام الوساوس الشيطانية والتي تعتبر مصداقاً للآثم والكفور ، والثبات أمام سعيهم في حرف القادة والأئمة بأنواع الحيل والمكائد ، وأن لا ينخدعوا بالتطميع ولا يتأثروا بالتهديد ، ويذكروا الله تعالى في كل المراحل لاكتساب القدرة الروحية وقوّة الإرادة والعزم الراسخ ، والاستمداد من العبادات الليلية ، والمناجات مع الله ، فإذا ما روعيت هذه الامور فالنصر حتمي ، وحتى لو عرضت مصيبة أو هزيمة فإنّه يمكن إصلاحها من خلال هذه الاصول ، ومنهج الرسول صلىاللهعليهوآله وسلوكه في دعوته نموذج مؤثر لجميع السالكين في هذا الطريق.
(إِنَّ هؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (٢٧) نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً (٢٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً (٢٩) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (٣٠) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) (٣١)
تحذير مع بيان السبيل : رأينا في الآيات السابقة تحذيراً للنبي صلىاللهعليهوآله لكي لا يقع تحت تأثير كل آثم أو كفور من المجرمين. الآيات اعلاه عرّفت الأعداء بشكل أكثر وقالت : (إِنَّ هؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلاً).