وفي آخر آية من آيات بحثنا هدد الله تعالى المكذبين بيوم القيامة تهديداً شديداً وقال : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذّبِينَ).
«ويل : قيل هو الهلاك ، وقيل المراد به العذاب المتنوع ، وقيل هو وادٍ في جهنم مليء بالعذاب ؛ وتستخدم هذه الكلمة عادة فيما يخص الحوادث المؤسفة ، وهنا تحكي الآية عن مصير المكذبين المؤلم في ذلك اليوم.
المراد بالمكذّبين هنا هم المكذبون بيوم القيامة.
(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتاً (٢٥) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً (٢٦) وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً (٢٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٢٨)
هذه الآيات أيضاً تحذّر وبطرق مختلفة المنكرين للبعث ، وتوقظهم ببيانات مختلفة من نوم الغفلة العميق ؛ فتأخذ بأيديهم أوّلاً إلى ما مضى من التاريخ لتريهم الأراضي المترامية الأطراف التي كانت ملكاً للأقوام السابقين ، فيقول تعالى : (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ).
إنّ آثارهم واضحة على صفحات البسيطة. وليس على صفحات التاريخ فحسب.
(ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْأَخِرِينَ). لأنّها سنّة مستمرة لا تبعيض فيها ولا استثناء ، وهل يمكن أن يعاقب جماعة لجرم ما ، ويقبل ذلك الجرم من آخرين؟!
ولذا يضيف تعالى في الآية الاخرى : (كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ).
هذه الآية هي بمنزلة بيان الدليل على هلاك الامم الاولى ويستتبعه هلاك الامم الاخرى ، لأنّ العذاب الإلهي ليس فيه جانب الثأر ولا الإنتقام الشخصي. بل إنّه تابع لأصل الإستحقاق ومقتضى الحكمة.
ثم يضيف مستنتجاً : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذّبِينَ).
«يومئذ : إشارة إلى يوم البعث الذي يعاقب فيه المكذبون بالعقوبات الشديدة ، والتكرار هو لتأكيد المطلب.