ويشير البيان القرآني كذلك ، إلى المؤمنين بأن لا يخافوا من قوّة الأعداء الظاهرية ، لأنّ دمارهم وهلاكهم على الله أسهل من أن يتصور .. فهذا البيان القرآني إذاً ، تسلية لقلوب المؤمنين وترطيباً لخواطرهم.
فيتوجه الحديث إلى النبي صلىاللهعليهوآله بصيغة الإستفهام : (هَلْ أَتَيكَ حَدِيثُ مُوسَى). ليشوق السامع ويهيئه لاستماع القصة ذات العبر.
ثم يقول : (إِذْ نَادَيهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى).
«طوى : يمكن أن يكون اسماً لأرض مقدّسة ، تقع في الشام بين (مدين) و (مصر) ، وهو الوادي الذي كلّم الله تعالى فيه موسى عليهالسلام أوّل مرّة.
ثم أشار القرآن إلى تعليمات الله عزوجل إلى موسى عليهالسلام في الواد المقدس : (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى). وبعد التزكية وتطهير الذات تصبح لائقاً للقاء الله ، وسوف أهديك إليه عسى أن تخشع وتترك ما أنت عليه من المنكرات : (وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبّكَ فَتَخْشَى).
ولمّا كانت كل دعوة تحتاج إلى دليل صحتها ، يضيف القرآن القول : (فَأَرَيهُ الْأَيَةَ الْكُبْرَى).
ولكن ، ما الآية الكبرى؟ هل هي عصا موسى عليهالسلام التي تحولت إلى أفعى عظيمة ، أو إخراج يده بيضاء ، أم كليهما؟ وعلى أيّة حال ، فالمهم في المسألة إنّ موسى عليهالسلام استند في بدء دعوته على معجزة الآية الكبرى.
وتبيّن لنا هذه الملاحظة : إنّ من جملة الأهداف المهمّة في حركة الأنبياء هي هداية الطغاة أو مجاهدتهم.
لكن فرعون المتجبّر قابل كل تلك المحبة ، اللطف ، الدعوة بالحسنى والآية الكبرى ، قابل كل ذلك بالتجبّر الأعمى والغرور الأبله : (فَكَذَّبَ وَعَصَى).
وكما يظهر من الآية المباركة فإنّ التكذيب مقدمة العصيان ومرحلة سابقة له ، كما هو حال التصديق والإيمان باعتباره مقدمة للطاعات.
وازداد فرعون عتوّاً : (ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى).
وقد هددت معجزة موسى عليهالسلام كل وجود فرعون الطاغوتي ، مما دعاه لأن يبذل كل ما يملك من قدرة لأجل إبطال مفعول المعجزة ، فتراه وقد أمر أتباعه وجنوده لجمع كل سحرة