وتعالى ، فالسرور المقصود في الآية ، هو ذلك السرور المرتبط بشدّة بالدنيا والمنسي لذكر الآخرة.
ويتقرب لنا المعنى من خلال الآية التالية : (إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ).
فاعتقاده الفاسد وظنّه الباطل الدائر على نفي المعاد ، مصدر سروره وغروره وهو ما سيوصله إلى الشقاء الأبدي ، لأنّه ابتعد عن ساحة رضوانه سبحانه وتعالى بعد أن أوقعته شهواته في هاوية الإستهزاء بدعوة الأنبياء عليهمالسلام الربانية ، حتى أوصلته حالته المرضية تلك لأن يستمر في استهزاءه وسخريته حتى في حال عودته إلى أهله ، كما أشارت الآية (٣١) من سورة المطففين : (وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ).
ولنفي العقائد الضالة ، تقول الآية : (بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا).
فكلّ أعمال الإنسان تسجل وتحصى عليه لتعرض يوم الحساب في صحيفته.
والآية تشارك الآية السابقة : (يَا أَيُّهَا الْإِنسنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبّكَ كَدْحًا فَمُلقِيهِ). في كونها دليلاً على المعاد أيضاً. فتأكيد الآيتين على كلمة ربّ يدل على أنّ الإنسان في سيرة التكاملي صوب ربّه لا ينتهي بالموت ، وأنّ الحياة الدنيا لا يمكنها أن تكون هدفاً وغاية لهذا الخلق العظيم وهذا المسار التكاملي ...
وكذلك كون الله بصيراً بأعمال الإنسان وتسجيلها لابدّ من اعتباره مقدمةً للحساب والجزاء وإلّا لكان عبثاً ، وهذا ما لا يكون.
(فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩) فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (٢١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (٢٢) وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (٢٣) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٤) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٢٥)
لمزيد من إيضاح ما ورد في الآيات السابقة بخصوص سير الإنسان التكاملي نحو خالقه سبحانه وتعالى .. تأتي الآيات لتقول : (فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ).
(وَالَّيْلِ وَمَا وَسَقَ). أي : وما جمع.
(وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ). أي : إذا اكتمل.