الآيات التالية تأكيد على نفس المفاهيم.
(أَرَءَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى).
أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى). أي أرأيت إن كان هذا العبد المصلي على الهدى أو أمر بالتقوى فهل يصح نهيه؟ ألا يستحق من ينهاه النار؟
(أَرَءَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى). ولو كذّب هذا الطاغية بالحق وتولى وأعرض عنه فماذا سيكون مصيره؟
(أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى) ويثبت كل شيء ليوم الجزاء والحساب.
(كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) (١٩)
بعد الحديث في الآيات السابقة عن الطغاة الكافرين الصادين عن سبيل الله ، توجّه هذه الآيات أشدّ التهديد لهم وتقول : (كَلَّا) لا يكون ما يتصور (لانّه تصور أن يصدّ عن عبادة الله بوضعه قدمه على رقبة النبي).
(كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ). نعم ، إذا لم ينته من إثمه وطغيانه سنجرّه بالقوّة من شعر مقدمة رأسه (وهي الناصية) ، وثم وصف الناصية هذه بأنّها كاذبة خاطئة وهو وصف لصاحبها : (نَاصِيَةً كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ).
«لنسفعاً : من السفع ، وله معاني متعددة : الجرّ بالشدّة ، الصفع على الوجه ، تسويد الوجه (الأثافي الثلاثة التي يوضع عليها القدر تسمى سفع لأنّها تسوّد بالدخان) ، ووضع العلامة للإذلال.
والأنسب المعنى الأوّل ، وإن كانت الآية تحتمل معاني اخرى أيضاً.
روى أنّه لما نزلت سورة الرحمن ، علّم القرآن ... قال النبي صلىاللهعليهوآله لأصحابه : من يقرؤها منكم على رؤوساء قريش؟ فتثاقلوا مخافة أذيتهم ، فقام ابن مسعود وقال : أنا يا رسول الله. فأجلسه صلىاللهعليهوآله ، ثم قال : من يقرؤها عليهم؟ فلم يقم إلّاابن مسعود ، ثم ثالثاً كذلك إلى أن أذن له ، وكان صلىاللهعليهوآله يبقي عليه لما كان يعلم من ضعفه وصغر جثته ، ثم إنّه وصل إليهم فرآهم مجتمعين حول الكعبة ، فافتتح قراءة السورة ، فقام أبو جهل فلطمه فشقّ اذنه وأدماه ، فانصرف وعيناه تدمع ، فلما رآه النبي صلىاللهعليهوآله رق قلبه وأطرق رأسه مغموماً ، فإذا جبريل عليهالسلام