كلمة (البيان) لها معنى لغوي واسع ، حيث تقال لكل شيء يوضّح ويبيّن شيئاً معيناً. وبناءً على هذا فإنّها لا تشمل النطق والكلام فحسب ، بل تجمع الكتابة والخطّ وأنواع الاستدلالات العقلية والمنطقية التي تبيّن المسائل المختلفة والمعقّدة أيضاً رغم أنّ معالم هذه المجموعة هي التكلم والنطق.
وإذا أخذنا دور البيان في تكامل وتقدم الحياة الإنسانية ، فمن الواضح أنّ الإنسان لم يكن بمقدوره وإمكانه أن ينقل تجاربه وعلومه من جيل إلى آخر بهذه السهولة وبالتالي أدّى إلى التقدم والعلم والدين والأخلاق ... وإذا ما سلبت هذه النعمة العظيمة من الإنسان ليوم واحد فإنّ المجتمع الإنساني سوف يأخذ طريقه نحو التقهقر بسرعة ، ولو أخذنا البيان بمعناه الواسع الذي يشمل الخط والكتابة والفنون المختلفة ، فإنّه سيتّضح لدينا بصورة أكثر دوره الهامّ في الحياة الإنسانية.
ويتطرق بعد ذلك إلى النعمة الإلهية الرابعة والتي هي هبة من هبات الله العظيمة أيضاً ، حيث يقول تعالى : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ).
إنّ أصل وجود الشمس من أكبر النعم الإلهية للإنسان ، لأنّ العيش في المنظومة الشمسية بدون نور وحرارة الشمس أمر غير ممكن. إنّ نمو ونضج النبات والمواد الغذائية أجمع ، بالإضافة إلى سقوط الأمطار وهبوب الرياح ، كلّها ببركة هذه الهبة الإلهية.
كما أنّ للقمر دوراً هامّاً في حياة الإنسان ، فبالإضافة إلى أنّه يضيء الليالي المعتمة ، فإنّ جاذبيته هي علة المد والجزر في البحار والمحيطات ، وهي عامل لبقاء الحياة في البحار ، كما أنّها تقوم بدورها في إرواء كثير من المناطق القريبة للسواحل والتي تصبّ الأنهار بالقرب منها.
وبالإضافة إلى ذلك فإنّ ثبات الإنتظام لهاتين الحركتين (حركة القمر حول الأرض ، وحركة الأرض حول الشمس) هو السبب في الظهور المنتظم لليل والنهار والسنين والشهور والفصول المختلفة ، وبالتالي فإنّه سبب أساسي لإنتظام الحياة الإنسانية وبرمجة الامور التجارية والصناعية والزراعية ، وإن فقد الإنتظام فيها فسوف تضطرب الحياة البشرية وتختلّ الكثير من مرتكزاتها.
وليس لحركة هذين الكوكبين نظام دقيق جدّاً فحسب ، بل إنّ مقدار كثافة وجاذبية