وأخيراً يشير إلى مسألة مرجعيته فيقول تعالى : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ).
نعم ، عندما يكون الخالق والمالك والمدبر معنا في كل مكان ، فمن البديهي أن يكون رجوعنا ورجوع أعمالنا إليه كذلك.
وفي آخر آية مورد للبحث يشير إلى صفتين اخريين بقوله تعالى : (يُولِجُ الَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ).
بالتدريج ينقص أحد الوقتين (الليل والنهار) ليضيف للآخر ، وتبعاً لذلك يتغير طول النهار والليل في السنة ، وهذا التغير يكون مصحوباً بالفصول الأربعة في السنة مع كل البركات التي تكون مختصة في هذه الفصول لبني الإنسان.
وتفسير آخر لهذه الآية هو : إنّ شروق وغروب الشمس لن يحدثا فجأة ودون مقدّمات ، بل يتمّ هذا التغيير بصورة تدريجية حتى يتهيّأ الجميع لذلك.
ويضيف سبحانه في النهاية : (وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).
فكما أنّ أشعة الشمس الباعثة للحياة تنفذ في أعماق ظلمات الليل ، وتضيء كل مكان ، فإنّ الله عزوجل ينفذ كذلك في كل زوايا قلب وروح الإنسان ، ويطّلع على كل أسراره.
(آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٩) وَمَا لَكُمْ أَنْ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) (١١)
الإيمان والإنفاق أساسان للنجاة : بعد البيان الذي تقدم حول دلائل عظمة الله في عالم الوجود وأوصاف جماله وجلاله ، تلك الصفات المحفّزة للحركة باتّجاه الله تعالى ، ننتقل الآن إلى جوّ هذه الآيات المفعم بالدعوة للإيمان والعمل ...