لرأيهما ، وأمرهما بالصبر والتريث حقنا للدماء وحرصا على مصلحة الإسلام العليا.
كما وانه من الثابت ان البعض من الانتهازيين الذين كانوا يعلنون العصيان في الكوفة وغيرها من مدن العراق ، كانوا يستغلون صبغة التشيع لحركتهم الثورية ، لاستجلاب عطف الجماهير الشعبية والحصول على تأييدها لمقاومة الحكام الأمويين ، لأنهم كانوا أكثر الفرق في العراق ، وكانوا ينضمون الى كل ثائر في وجه الظلم والطغيان ، ولو لم يكن بواقعة يتشيع لعلي وبنيه. وليس أدل على ذلك من وقوفهم بجانب عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ، بعد أن سمى نفسه بناصر المؤمنين وتأييدهم له في ثورته على الأمويين (١).
كما وان ثورة الخراساني ، أبي مسلم ، قامت على سواعدهم ، لأنه ظهر فيها بمظهر الدعوة لأهل البيت والتظلم لما لحقهم من الأذى والقتل والتشريد ، متخذا هذا الشعار ستارا لنجاح دعوته.
ومهما يكن الحال فالتاريخ مليء بالشواهد على أن التشيع لا يختلف فيما تعنيه هذه الكلمة ، في جميع الأدوار والمراحل التي مر بها. فما ذكره بعض الكتاب من ان التشيع بمعناه المعروف عن أهل الفرق والذي أصبح مذهبا وعقيدة بالمعنى المعروف عند الفقهاء والمتكلمين ، هذا المعنى للتشيع قد حدث بعد عصر الإمام (ع) ، هذه الدعوى لا تؤيدها الوقائع التاريخية ، لأن المعروفين بالتشيع لعلي (ع) من أعيان الصحابة في عهد الرسول وبعد وفاته لا يختلفون عن غيرهم ممن تأخر عنهم في مفهوم التشيع بما له من المعنى المعروف عند الفقهاء والمتكلمين في العصور المتأخرة عن عصر الرسول والصحابة.
__________________
(١) العراق في ظل العهد الأموي للدكتور علي حسين الخرطبولي.